علوم الإدارة

هل الإدارة علم أم فن؟

إن الإدارة من المفاهيم الأكثر جدلاً في حياتنا، حيث أنها مرتبطة بالعلوم والفنون على حد سواء. لهذا فإن السؤال الجوهري: هل الإدارة علم أم فن؟ قد يبقى بلا إجابة إلى الأبد.

فيما يلي أشرح الإدارة ثم أحاول تصنيفها كعلم أو كفن من خلال فهم تعريفات العلوم والفنون.

تعريف الإدارة

الإدارة بمفهومها الأساسي هي عملية تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة الموارد البشرية والمادية لتحقيق أهداف المنشأة بكفاءة وفاعلية. يشمل هذا استخدام الاستراتيجيات والمنهجيات العلمية وتوظيف المواهب وتطويرها ومحاولة التكيف مع الظروف المتغيرة واستغلال الفرص وتجنب المخاطر لتحقيق النجاح المستدام.

هكذا نفهم الإدارة كمفهوم عام في حياتنا، لكن هذا التعريف لا يوضح لنا ماهية الإدارة ولا يجيب على تساؤلنا حول إن كانت الإدارة أم فن.

تعريف العلم

يعرف العلم على أنه مجموعة من المعارف التي نكتسبها بعد إجراء الدراسات المنهجية أو التجريبية. يتسم العلم بالدقة والموضوعية كما أن نتائجه قابلة للتكرار للوصول إلى نتائج مماثلة.

إن العلم يهدف إلى وضع قوانين ونظريات تشرح ظواهراً مختلفة، وقد يكون العلم تطبيقياً كعلوم الحاسوب والهندسة والطب أو إنسانياً كعلم النفس والفلسفة والتاريخ.

تعريف الفن

إن الفن هو القدرة على الإبداع والابتكار، يعتمد الفن بشكل رئيسي على مهاراتنا الشخصية المصقولة بالتجارب الفردية أو الجماعية. يتطلب الفن عادةً حساً إبداعياً وهو لا يعتمد على نظريات محددة أو خطوات متسلسلة.

السؤال الدائم: هل الإدارة علم أم فن؟

بعد أن فهمنا الإدارة بشكل عام وقمنا بتعريف العلم والفن، صار بإمكاننا الخوض في تصنيف الإدارة ضمن أحد هذين المفهومين.

الإدارة كعلم

من ناحية، يمكننا اعتبار الإدارة علماً للأسباب التالية:

الاعتماد على النظريات

تعتمد الإدارة كعلم على مجموعة من النظريات التي وضعها علماء الإدارة والباحثين في مجالاتها، تهدف تلك النظريات إلى وضع قواعد حول كيفية إدارة الأعمال بأفضل جودة ممكنة.

المنهجية

تتميز الإدارة في كونها تعتمد على استخدام المنهجية للوصول إلى النتائج المطلوبة، إن مدرسة الإدارة الحديثة اعتمدت كثيراً على الأبحاث والدراسات الميدانية لتحقيق ذلك.

القابلية للتكرار

تماماً كبقية العلوم الإنسانية فإن ما تتوصل إليه الإدارة من نظريات وحلول يكون قابلاً للتكرار والتعميم ليصبح في النهاية نظريات لممارسة الإدارة يمكن الاعتماد عليها.

الإدارة كفن

من جانب آخر، يمكننا رؤية الإدارة كفن للأسباب التالية:

المهارات الشخصية

تعتمد الإدارة بشكل كبير على المهارات الشخصية مثل القيادة، التواصل والتحفيز فهي بذلك تتطلب من الفرد أن يمتلك صفات معينة لا تكتسب بالتعلم وحده، بل هي تتطلب الموهبة أيضاً.

التكيف والإبداع

يحتاج العامل في الإدارة إلى قدرة للتكيف مع الظروف وابتكار الحلول الجديدة، وهنا تبرز أهمية وجود الحس الإبداعي لديه.

الحس الإنساني

تتعامل الإدارة مع البشر، وكل البشر لديهم أحلام ومشاعر وحاجات. لهذا فمن الضروري فهم الجوانب الإنسانية والتفاعل مع خفايا النفس البشرية والتمتع بالحس الفني العالي.

هل يمكن أن تكون الإدارة علماً وفناً معاً؟

نظراً لأن الإدارة تعتمد على الجانبين العلمي والفني كما رأينا، فإنه من الممكن إدراجها ضمن العلوم والفنون في آن. إنها علم يعتمد على النظريات والمنهجيات وفن يتطلب مهارات شخصية وحساً إبداعياً.

من المهم أن يكون المدير متكاملاً وقادراً على اكتساب علم الإدارة وتعلمه، سواء من الكتب أو في الجامعات والمراكز التدريبية. كما أنه بحاجة أيضاً لامتلاك المهارات الفنية.

إن اعتبار الإدارة علماً يجعل من المدير شخصاً يعتمد على النظريات العلمية، لكنه قد يؤدي إلى افتقاره للحس الإبداعي. وعلى العكس فإن اعتبار الإدارة فناً قد يجعل المدير فوضوياً وغير منهجي رغم وجود الموهبة.

يمكن القول أن الإدارة ليست علماً بحتاً ولا فناً خالصاً، بل هي مزيج متكامل من الاثنين. الإدارة كعلم توفر الأسس النظرية والمنهجيات اللازمة لتحقيق الأهداف بكفاءة وفعالية. أما الإدارة كفن، فهي تضيف اللمسة الإنسانية والإبداعية التي تجعل من الممكن التكيف مع الظروف المتغيرة وتحقيق النجاح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى